كتاب الزير سالم، البطل بين السيرة والتاريخ والبناء الدرامي
دراسة موضوعية أراد من خلالها ممدوح عدوان الرد على كل الاتهامات التي حاولت النيل منه بعد مسلسه الدرامي المثير"الزير سالم" - ليضع حد للصخب الذي أثارته الكثير من الأقلام والأفواه على أوراق الصحف والمجلات والندوات التلفزيونية ؛ من خلال إيضاح الفروق البينية والجوهرية ل- بناء البطل في السيرة والتاريخ والبناء الدرامي.
الزير سالم يعد بطلاً في السيرة الشعبية كما هو متناول، والكثير من الحانقين على تشويه صورته التي يعهدونها عنه في الذاكرة كما جاء على ألسنة الجدات والحكواتي في الثقافة العامة الشائعة عنه ؛ لم يجهدوا فعلياً في البحث عن حقيقة هذه السيرة في التراث وصيغ السير المطبوعة والتاريخية عن الشخصية ، كما فعل هو في كتابة نصه الدرامي؛ فالناس تعودوا كما يذكر على الدفاع عن الصورة النمطية التي في أذهانهم عن البطل، ويرفضوا عادةً الحقائق المشككة لهذه الصورة المطبوعة والحيّة في الأذهان. هذا غير المبالغة باتهامه في معاداة الأمة وتشويه صور أبطالها! عدا عن ما لم يكن في حسبانه وهي الحساسية القائمة والتي لا تزال بين البكريين والتغلبيين، أو بين القيسيين واليمانيين؛ والتي أثارت النعرات القبلية بينهم، حيث اتهم من قبل المتعصبين لإحدى الجهتين بممالأة جهة على أخرى!
ويذكر أن الشخصيات التراثية عولجت في الإبداع بأكثر من فهم واختلفت طرق توظيفها ؛ و على سبيل المثال شخصية أوديب الموجودة في التراث اليوناني و ثم الانساني ، والتي ليس مهماً إثبات وجودها أو عدمه؛ حيث كتبها أكثر من مئة كاتب عبر التاريخ في نصوص إبداعية مختلفة. والبحث في أوراق التراث قد يفاجئنا بالمثير والمثري ل-بناء العمل الدرامي!
"ولا يمكن أن تستقيم القراءة العلمية للتراث إلا باتخاذ مسافة نقدية منه."
والسيرة الشعبية لها خصوصيتها؛ لأن كل حكواتي قد يزيد على السيرة ويطعمها بصيغ تناسب وتطيب لمزاج مستمعيه/ جمهوره الجدد و ما يناسب مشاغلهم، مما يخلق سير متعددة ومتتالية تميل إلى الزيادة والتضخم مع الزمن! وهو ما يسميه الدكتور لويس عوض ب-" التراكم الملحمي".
وعلى ذلك فإن تحويل السيرة المروية شفاهياً إلى نص مقروء/ أي تحويل السيرة إلى دراما تلفزيونية تنطوي عليها بعض الخصوصية والتقنين في العرض والتصوير.
وليس الهدف من العمل الدرامي أن يوافق الخرافة أو ما عشعش في أذهان الناس من صورة عن بطلها الملحميّ! وهذه الحساسية التي تحيط بأبطال التاريخ هي العقبة الأولى التي تواجه الباحث الذي يريد أن يتقصى حقيقة الأحداث والشخصيات.
وليس الهدف من العمل الدرامي أن يوافق الخرافة أو ما عشعش في أذهان الناس من صورة عن بطلها الملحميّ! وهذه الحساسية التي تحيط بأبطال التاريخ هي العقبة الأولى التي تواجه الباحث الذي يريد أن يتقصى حقيقة الأحداث والشخصيات.
وكما يذكر ممدوح عدوان بأنه حاول المزج في المعالجة بين الفهم الدرامي والحقيقة التاريخية والاحتفاظ قدر الإمكان، بالنكهة الملحمية للسيرة الشعبية لكي لا تضيع المعالجة (المثقفة) نكهة الملحمة. كما أوضح في رده على بعض التساؤلات أن ليس هناك شخصية واحدة تعبر عن رأي المؤلف في أي عمل درامي أو روائي جاد! وحين يحدث ذلك ؛ حين تكون شخصية ما ناطقة باسم المؤلف، يكون العمل ضعيفاً. كما يؤكد في مجرى حديثه ، أن الأحداث والأماكن الواردة في عمله الدرامي "الزير سالم" كلها حقيقية وموثقة. أما الأسباب والنتائج على المستوى الاجتماعي والنفسي فهي شغل قائم على المخيلة ومتطلبات البناء الدرامي التي تخرج بهذه الأحداث من كونها تاريخاً لكي تصير دراما إبداعية.
دراسة على صغر حجمها إلا أنها مكثفة ومليئة بالحقائق والوقائع التي تثبت حقيقة وجهة نظر ممدوح عدوان عن طبيعة وخصوصية البطل بين السيرة الشعبية / التراث -التاريخ والبناء الدرامي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق