ابو ليلى
وهي كنيته وذلك لأنه لم يكن له أولاد ذكور بل فتلقب بأكبر بناته وهي ابنته ليلى وله ابنة أخرى يقال لها عبيدة، وقد زوج ليلى لكلثوم بن مالك التغلبي فولدت له عمرو بن كلثوم بن مالك صاحب المعلّقة الشهيرة وزوج عبيدة لمعاوية بن عمرو بن معاوية الجنبي المذحجي فأنجبت له بني عبيدة وقد اختلف الرواة في أسماء بناته مع اتفاقهم على أنه لم يكن له من الذرية إلا ابنتان فقالوا ليلى وعبيدة وقالوا هند وعبيدة وقالوا سلمى وسليمى.
كانت أشعار المهلهل هي وسيلة من وسائل الإثارة على الأخذ بالثأر، فقد كان يقيم لأخيه مناحة دائمة في شعره حتى تبقى الفجيعة به حية نابضة يشعر بها أفراد قبيلته كما يشعر بها هو نفسه. ومعظم القصائد التي رثا بها أخاه يصف فيها دموعه وعيونه المتقرحة ويكرر نداءه لأخيه ويذكر مآثره وكرمه وشجاعته، ومن أبرز أبيات شعره ما يلي:
خليلي لما الكل للدهر مني عواذل | | ألأنني كنت أنا لو كان ثمة كامل |
نعى النعاة كليبًا لي فقلت لهم | | مادت ما الأرض أم مادت رواسبها |
كليب لا خير في الدنيا ومن فيها | | إن أنت خليتها في من يخليها |
وقال أيضاً:
إِنَّ في الصَدرِ مِن كُلَيبِ شُجوناً | | هاجِساتٍ نَكَأنَ مِنهُ الجِراحا |
أَنكَرَتني حَليلَتي إِذ رَأَتني | | كاسِفَ اللَونِ لا أُطيقُ المُزاحا |
وَلَقَد كُنتُ إِذ أُرَجِّلُ رَأسي | | ما أُبالي الإِفسادَ وَالإِصلاحا |
بِئسَ مَن عاشَ في الحَياةِ شَقِيّاً | | كاسِفَ اللَونِ هائِماً مُلتاحا |
يا خَليلَيَّ نادِنا لي كُلَيباً | | وَاِعلَما أَنَّهُ مُلاقٍ كِفاحا |
يا خَليلَيَّ نادِنا لي كُلَيباً | | ثُمَّ قولا لَهُ نَعِمتَ صَباحا |
يا خَليلَيَّ نادِنا لي كُلَيباً | | قَبلَ أَن تُبصِرَ العُيونَ الصَباحا |
لَم نَرَ الناسَ مِثلَنا يَومَ سِرنا | | نَسلُبُ المُلكَ غُدوَةً وَرَواحا |
وَضَرَبنا بِمُرهَفاتٍ عِتاقٍ | | تَترُكُ الهُدمَ فَوقَهُنَّ صُياحا |
تَرَكَ الدارَ ضَيفُنا وَتَوَلّى | | عَذَرَ اللَهَ ضَيفَنا يَومَ راحا |
ذَهَبَ الدَهرُ بِالسَماحَةِ مِنّا | | يا أَذى الدَهرِ كَيفَ تَرضى الجِماحا |
وَيحَ أُمّي وَوَيحَها لِقَتيلٍ | | مِن بَني تَغلِبٍ وَوَيحاً وَواحا |
يا قَتيلاً نَماهُ فَرعُ كَريمٌ | | فَقدُهُ قَد أَشابَ مِنّي المِساحا |
كَيفَ أَسلوا عَنِ البُكاءِ وَقَومي | | قَد تَفانَوا فَكَيفَ أَرجو الفَلاحا |
و له أيضاً:
كُنَّا نَغَارُ عَلَى الْعَوَاتِقِ أَنْ تَرَى
كُنَّا نَغَارُ عَلَى الْعَوَاتِقِ أَنْ تُرَى | بالأمسِ خارجة ً عنِ الأوطانِ |
فَخَرَجْنَ حِينَ ثَوَى كُلَيْبٌ حُسَّراً | مستيقناتٍ بعدهُ بهوانِ |
فَتَرَى الْكَوَاعِبَ كَالظِّبَاءِ عَوَاطِلاً | إذْ حانَ مصرعهُ منَ الأكفانِ |
يَخْمِشْنَ مِنْ أدَمِ الْوُجُوهِ حَوَاسِراً | مِنْ بَعْدِهِ وَيَعِدْنَ بِالأَزْمَانِ |
مُتَسَلِّبَاتٍ نُكْدَهُنَّ وَقَدْ وَرَى | أجوافهنَّ بحرقة ٍ وَ رواني |
وَ يقلنَ منْ للمستضيقِ إذا دعا | أمْ منْ لخضبِ عوالي المرانِ |
أمْ لا تسارٍ بالجزورِ إذا غدا | ريحٌ يقطعُ معقدَ الأشطانِ |
أمْ منْ لاسباقِ الدياتِ وَ جمعها | وَلِفَادِحَاتِ نَوَائِبِ الْحِدْثَانِ |
كَانَ الذَّخِيرَة َ لِلزَّمَانِ فَقَد أَتَى | فقدانهُ وَ أخلَّ ركنَ مكاني |
يَا لَهْفَ نَفْسِي مِنْ زَمَانٍ فَاجِعِ | أَلْقَى عَلَيَّ بِكَلْكَلٍ وَجِرَانِ |
بمصيبة ٍ لا تستقالُ جليلة ٍ | غَلَبَتْ عَزَاءَ الْقَوْمِ وللشُّبان |
هَدَّتْ حُصُوناً كُنَّ قَبْلُ مَلاَوِذاً | لِذَوِي الْكُهُولِ مَعاً وَالنِّسَوَانِ |
أضحتْ وَ أضحى سورها منْ بعدهِ | متهدمَ الأركانِ وَ البنيانِ |
فَابْكِينَ سَيِّدَ قَوْمِهِ وَانْدُبْنَهُ | شدتْ عليهِ قباطيَ الأكفانِ |
وَ ابكينَ للأيتامِ لما أقحطوا | وَ ابكينَ عندَ تخاذلِ الجيرانِ |
وَ ابكينَ مصرعَ جيدهِ متزملاً | بِدِمَائِهِ فَلَذَاكَ مَا أَبْكَانِي |
فَلأَتْرُكَنَّ بِهِ قَبَائِلَ تَغْلِبٍ | قتلى بكلَّ قرارة ٍ وَ مكانِ |
قتلى تعاورها النسورُ أكفها | ينهشنها وَ حواجلُ الغربانِ |
ومن أبياته المشهورة:
يقول الزير أبو ليلى المهلهل | | وقلب الزير قاسي مايلينا |
وإن لان الحديد ما لان قلبي | | وقلبي من الحديد القاسيينا |
تريد أميه أن أصالح | | وما تدري بما فعلوه فينا |
فسبع سنين قد مرت علي | | أبيت الليل مغموما حزينا |
أبيت الليل أنعي كليبا | | أقول لعله يأتي إلينا |
أتتني بناته تبكي وتنعي | | تقول اليوم صرنا حائرينا |
فقد غابت عيون أخيك عنا | | وخلانا يتامى قاصرينا |
وأنت اليوم يا عمي مكانه | | وليس لنا بغيرك من معينا |
سللت السيف في وجه اليمامة | | وقلت لها أمام الحاضرين |
وقلت لها ما تقولي | | أنا عمك حماة الخائفينا |
كمثل السبع في صدمات قوم | | أقلبهم شمالا مع يمينا |
فدوسي يايمامة فوق رأسي | | على شاشي إذا كنا نسينا |
فإن دارت رحانا مع رحاهم | | طحناهم وكنا الطاحنينا |
أقاتلهم على ظهر مهر | | أبو حجلان مطلق اليدينا |
فشدي يايمامة المهر شدي | | وأكسي ظهره السرج المتينا |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق