السيرة بحجمها الحالي لا تبلغ المئة صفحة لكن المدقق فيها سيجد أن عشرات الثغرات موجودة فيها وليست تلك الثغرات على المستوى الفني أو الواقعي إنما ما قصدته هو فقدان حلقات وشروحات كثيرة ـ لاسيما وصف المعارك ـ في ثنايا السيرة ولو أنها بقيت كما دونت أول مرة لرأيناها بحجم يفوق الحجم الحالي بعشرات المرات.
وقد يتساءل البعض هل هذه السيرة من الفولكلور الفلسطيني ؟
1ـ حسب ما جاء في السيرة الشعبية فإن القبائل العربية سكنت في شمال الجزيرة العربية منذ آلاف السنين، فكان هناك عرب الجنوب اليمينيين وعرب الشمال. أما عرب الشمال فتوزعوا إلى شمال الجزيرة أي إلى الأردن وفلسطين وسورية ولبنان وشمال سيناء.
وحسب ما جاء في السيرة فإن بني بكر بن وائل سكنوا حماة وحمص وشرقهما في بادية الشام وأن بني تغلب سكنوا الجنوب في دمشق وحوران وفلسطين والأردن وكانوا أولاد عم.
2ـ سميت بعض الأماكن في فلسطين باسم زعماء العشائر. فمدينة بئر السبع هي بئر السباع الذي كان يعيش في منطقة الزير سالم وقد ورد ذكر ذلك في السيرة حيث كان الزير قد ترك كليبا أخاه واتخذ لنفسه وللهوة منفى اختياريا في بئر السباع. وحسب ما جاء في السيرة أن الزير يغدر ويجرح جسمه جروحا بليغية فتأتي اليمامة بنت أخيه كليب عنده فيطلب منها أن تضعه في صندوق خشبي ثم تضع حول شقوقه القار حتى لا يتسرب الماء إليه وطلب منها أن ترمي الصندوق في البحر على ساحل حيفا التي كانت خربة ولم تكن ميناء وبعدما شفي وجرى له ما جر يعود بالقارب إلى حيفا ومن هنا يشعلها حربا ضروسا ضد أعدائه إلى نهاية السيرة.
3ـ أكد بعض الباحثين أن مدينة القدس التي سميت بالكنعانية أورشليم ـ قد بناها الزير سالم كعاصمة لملكه. فهي مدينة سالم أوساليم أو سلام وسميت نسبة للزير سالم ومن هؤلاء الباحثين شوقي عبد الحكيم في كتابه القيم. موسوعة الفولكلور والأساطير العربية.
كل ذلك يؤكد أن سيرة الزير سالم هي ملحمة شعبية فلسطينية لم تغادر المنطقة وقد كان مكان وقوع أحداثها في فلسطين ولبنان والأردن وسورية مما يزيد في اتساع مفاهيمنا حول كون الملحمة أكبر من الرواية وأكبر من الحكاية أو الشعر أو غيرها.
4ـ إن اللغة الواردة في السيرة إن كان ذلك في لغة القص أو في لغة الشعر هي أقرب إلى اللهجة المحلية منها إلى الفصحى. حتى أن أكثر أبيات الشعر الواردة فيها مكسرة الوزن العروضي. وأن أكثرها يسير على البحر الوافر الذي هو أقرب إلى موال العتابا والذي يغنى ضمن أغنيات الفن الشعبي الفلسطيني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق