سيدنا الخضر
ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وتحديداً في سورة الكهف عبداً صالحاً اسمه الخضر، وهو رجل عاش في زمن سيدنا موسى -عليه السلام- ورافقه وقد عرف بالعلم والورع وقيل عنه أنه ما وجد في مكان إلا اخضرّ ونبت فيه العشب ولذلك فقد لقب بالخضر، اختلف العلماء في كون هذا الرجل الصالح نبياً أم لا فالبعض أجمع على ذلك والبعض الآخر نفاه، سنقدم في هذا المقال نبذة عن سيدنا الخضر ونورد أهم أحداث قصته مع النبي موسى -عليه السلام-. الخلاف حول كون سيدنا الخضر ولياً أو نبياً اختلفت المصادر الإسلامية الموثوقة حول كون سيدنا الخضر ولياً أم نبياً، ولكن في الحقيقة لم يرد نصاً في القرآن يثبت نبوءته ولَم يرد نصاً آخر ينفيها، والظاهر أن هنالك حكمة مقصودة في عدم ذكر ذلك بشكل صريح في القرآن الكريم ربما تكون أن يهتم الناس بالهدف الأصلي لقصة هذا الرجل الصالح مع النبي موسى -عليه السلام-، وهو أن الإنسان قد يمر عليه في حياته مصائب وشدائد قد تنهكه ولكنها في الوقت ذاته تخفي في جوهرها الرحمة، وهذه إرادة الله سبحانه وتعالى ليثبت لعباده أن علمهم مهما اتسع فسيبقى محدوداً ولا يساوي شيئاً من علم الله إلا بمقدار ما يأخذه العصفور من الماء عندما يبلل منقاره في ماء البحر. قصة النبي موسى -عليه السلام- مع سيدنا الخضر ذكر الله سبحانه وتعالى قصة نبيه موسى مع الخضر في سورة الكهف، كما ورد شرح لهذه القصة لدى كل من الإمام البخاري والإمام مسلم، سنورد الآن أحداث هذه القصة باختصار: بدأت القصة حين خطب النبي موسى -عليه السلام- بقومه وهم بنو إسرائيل وبعد أن أتم خطابه سأله أحد المستمعين: هل على وجه الأرض أحد أعلم منك يا نبي الله، فكان رده مندفعاً: لا، حينها أمره الله سبحانه وتعالى بالخروج للبحث عن عبد صالح يفوقه في العلم، وأمره بأن يأخذ معه حوتاً يجعله في مكتل ليكون دلالة على مكان وجود هذا العبد. استسلم النبي الكريم والفتى الذي يرافقه للنوم بجانب إحدى الصخور المجاورة للبحر، حتى إذا جاءت إحدى الأمواج ولامست الحوت فارتدت إليه الحياة واتخذ سبيله في البحر دون أن يدركا ذلك، بعد فترة من نهوضهما ومتابعتهما للرحلة أدركا ما حدث وعرفا أن ذلك المكان هو المكان المنشود للقاء العبد الصالح فعادا إليه مسرعين. بعد وصولهما إلى مكان الصخرة وجدا عبداً صالحاً فعرفا أنه الشخص المنشود وهنا طلب منه النبي موسى مرافقته لكسب العلم منه، فما كان رد الخضر إلا أن قال له أنه لن يستطيع الصبر على علمه، فرجاه النبي مرة أخرى ووعده أن يكون صبوراً مطيعاً لأوامره. انطلق كل من النبي وسيدنا الخضر وركبا في سفينة دون أجر إكراماً للخضر، فلما وصلا انتزع سيدنا الخضر أحد ألواحها وألقاه في البحر فاستنكر النبي الكريم هذا الفعل وسأله عن سبب ذلك، وهنا ذكره سيدنا الخضر بقوله أنه لن يستطيع الصبر على ما يراه، فاعتذر النبي موسى منه وطلب منه إكمال الرحلة. خلال مسيرهما معاً وجدا مجموعة من الصبيان وقد غلبهم النعاس بعد أن تعبوا من اللعب، فاقترب الخضر من أحدهم وقام بقتله فاستنكر النبي موسى هذا الفعل مجدداً حتى قام سيدنا الخضر بتذكيره مرة أخرى باتفاقهما، فاعتذر وطلب منه أن يعطيه فرصة أخرى وإن سأله عن تصرف يصدر منه بعد ذلك فسيفارقه. بعد متابعة رحلتهما وصلا إلى إحدى القرى وكان طعامهما قد نفد، فطلبا من أهل القرية إطعامهما وإيوائهما فأبوا ذلك حتى ذهب الاثنان إلى خلاء يوجد فيه جدار متهاوٍ وناما بجانبه، فقضى سيدنا الخضر الليل كله في إصلاح هذا الجدار فسأله النبي ذلك مرة أخرى عن السبب الذي يدفعه لذلك. رد سيدنا الخضر على النبي الكريم بقوله أن سؤاله هذا سينهي رحلتهما، وأخبره أن كل ما كان يفعله كان تنفيذاً للإرادة الإلهية التي تخفي في طياتها الرحمة الحانية، وهذا دلالة على محدودية علم النبي موسى عليه السلام مقارنة بعلم الله تعالى الهائل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق